هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداك • الرجوع الى صفحة بيانات التصميم
حلم حياتي ....*الجزء الثالث عشر*
صفحة 1 من اصل 1
حلم حياتي ....*الجزء الثالث عشر*
*الجزء الثالث عشر*
(لم يا وعد؟؟)
ظلت وعد صامتة تتطلع الى فرح التي تنتظر اجابتها وتخشاها في الوقت ذاته..ففرح تعلم تقريبا ان وعد لا تحمل اية مشاعر خاصة لهشام..ولكنها في الوقت ذاته لا تعلم نوعية المشاعر التي تحملها له في الوقت الحاضر..تشعر بأنها مجرد مشاعر أخوة..لكنها غير متأكدة من ذلك تمام التأكيد..
وارتسمت ابتسامة على شفتي وعد..ابتسامة اقرب ما تكون الى الشحوب وهي تقول: لم تسألين هذا السؤال يا فرح؟..
قالت فرح متلعثمة: انه..مجرد سؤال..لا أكثر..
قالت وعد وابتسامتها الشاحبة تتسع قليلا: لا تعرفين الكذب يا فرح..في البداية كنت اظن ان ما يحمله لي هشام مجرد مشاعر قرابة وأخوة نظرا لاننا قد تربينا سويا..وبعدها بدأت اشك في انها مشاعر اهتمام واعجاب بعد ان تحدثت ذلك اليوم عن مشاعر يحملها لي.. والآن اتأكد من انها ليست سوى مشاعر ميل و..حب.. أليس كذلك يافرح؟..
رفعت فرح حاجبيها بدهشة..وظلت صامتة لفترة..قبل ان تقول بارتباك: لست أعلم..لم يخبرني هشام بشيء..
قالت وعد وهي تميل نحوها: حقا لم يخبرك بشيء؟..
لم تجبها فرح وظلت صامتة وهي تشعر بأن وعد ستكشف بأنها لم تحضرها الى هنا الا لتعلم منها حقيقة مشاعرها تجاه هشام ..واحترمت وعد صمتهافصمتت بدورها وهي تفكر فيما عليها قوله..وقطع هذا الصمت الذي يغلفهما صوت النادل وهو يضع العصير امامهما ويقول: هل من خدمة اخرى؟..
أجابته وعد قائلة: كلا..شكرا لك..
انصرف النادل مغادرا فارتشفت وعد قليلا من العصير الذي أمامها ومن ثم قالت وهي تعتدل في جلستها: فرح هشام هو شقيقك وأعلم انك تتمنين له ان يحيا سعيدا وان يتحقق كل ما يحلم به..وأنا كذلك اتمنى ان أراه سعيدا دائما..لا اقبل ان اراه حزينا يوما..هشام هو الوحيد الذي كان يقف معي في كل مشاكلي ويساعدني على ان اتخطاها..لهذا...
صمتت وعد للحظة ومن ثم اردفت بحزم: لهذا ان تقدم هو لخطبتي..فسأرفض بالتأكيد..
قالت فرح باستغراب ودهشة: ولم؟..ألم تقولي لتوك انك تتمنين له السعادة وانه ....
قاطعتها وعد قائلة: لهذا سأرفض..لاني اتمنى له السعادة..صدقيني أنا لا اصلح لاكون زوجة له..انا لن اسعده..انت تعلمين ان هشام كما هو شقيقك هو شقيقي وربما اكثر منك..أنسيت اننا قد ترعرعنا معا..انا وهو كنا نظل طوال الوقت معا..واكثر من بقاءه معك لانك كنت صغيرة وقتها..لقد كنت أحيانا اظن احيانا انه شقيقي فعلا..اتتوقعين ان أقبل أن أتزوج من شاب أحمل له مشاعر كهذه..لو كان هو يقبلها على نفسه..فأنا لا اقبلها عليه..لن استطيع ان امنحه حبا حقيقيا..أتفهميني يا فرح؟..
لم تعلم فرح بما تجيب..فمن جهة حب هشام الكبير لوعد..وحزنه على انه قد لا تكون له..ومن جهة أخرى مشاعر الاخوة التي تحملها وعد تجاه هشام والتي لا تستطيع ان تغيرها مهما حدث..كلا الطرفين تشعر ان وجهة نظره مقنعة وصحيحة.. ولكن..هذا سيخلف جريحا واحدا وهو هشام..وعد لن تخسر شيئا اذا لم تبادله المشاعر..اما هشام هو الذي سيخسر الكثير اذا علم بهذه الحقيقة..
تنهدت فرح بحرارة ومن ثم قالت:أفهمك يا وعد..ولكن ما افهمه أكثر ان هشام يحبك بصدق وبكل مشاعره..
ابتسمت وعد وقالت: أنت تعترفين اذا..
وضعت فرح كفها على شفتيها وقالت بارتباك: يا لحمقاتي ..ما الذي قلته؟..
قالت وعد وهي تهز كتفيها: وما المشكلة في هذا..اتعتبرين الحب جريمة؟..
قالت فرح بابتسامة: كلا ولكن هشام هو من سيرتكب بي جريمة ان علم اني قد اخبرتك بأمر مشاعره تجاهك..
قالت وعد وهي ترفع أحد حاجبيها: ولم؟..هل يعتبر مشاعره لي جريمة..ام انها عار له..
قالت فرح بابتسامة باهتة: نوعا ما..فما فهمته منه..انه لن يفصح عن مشاعره قبل ان يرى تجاوبا منك..وهو يرى ان المشاعر ما دامت من طرف واحد فهي ذل له..
قالت وعد بهدوء: لا اعتقد هذا ابدا..فمشاعره ملك له..وليست عارا اوذلا ابدا..ستكون كذلك لو استخدم مشاعره في الاستغلال او تحقيق مصالحه الشخصية..
قالت فرح بعد وهلة من الصمت: ما افهمه منك الآن..انك ترفضين ان يكون هشام زوجا لك..
قالت وعد بابتسامة حانية: هشام شاب وسيم يعمل في وظيفة ممتازة..ويمتلك شخصية رائعة ومتميزة..آلاف الفتيات يتمنونه..وان كانت احداهن تحبه بصدق فستسعده بكل تأكيد..انا لن أسعده صدقيني..
قالت فرح بابتسامة شاحبة: آلاف الفتيات يتمنونه..ريما يكون هذا صحيح..ولكنه يتمنى واحدة فقط..واحدة لا تبادله المشاعر وترفضه..
زفرت وعد وقالت: هل المشاعر بيدي يا فرح..هل املك حيالها أي شيء؟..انني لا استطيع ان اوافق الا على من يختاره قلبي..
- احيانا القلب يخدع..يجب ان تحكمي عقلك كذلك..
- هذا صحيح ..وعقلي يقول ايضا انه لا يجب علي ان اتزوج من شخص وانا اعتبره كأخ لي لا أكثر..ان لم يكن لأجلي فلأجله هو..لم أظلم هشام معي..أنا احب هشام وربما أكثر منك كذلك..ولكن كأخ..
قالت فرح بشحوب: بصراحة لا اعلم ماذا اقول لهشام اذا سألني عن ردك..
قالت وعد وهي تتنهد: أخبريه ما اخبرتك به تماما..واظن انه سيتفهم الامر..
قالت فرح بألم: لا اظن انه سيتفهم الامر..بل انه سيتألم ياوعد..وبأكثر مما تتصورين..
صمتت وعد وهي لا تجد جوابا لفرح..يا ترى ايهما الصحيح؟ ..هل عليها ان تسعد نفسها وتنسى آلام الآخرين..ام تنسى نفسها وتسعد غيرها ؟..لم تعد تعلم..لم تعد تعلم ابدا....
************
كان الصمت هو سيد الموقف في سيارة هشام..بعد ان حضر هذا الاخير الى المطعم من اجل ان يصحبهم..ويوصل وعد الى الصحيفة حيث سيارتها..
كان هشام يشعر بالتوتر وهو يريد ان يعرف من فرح بما اخبرتها به وعد..وما جوابها على كل الاسألة التي تدور في ذهنه ..لكن فرح لم تنطق بحرف واحد فمنذ ان دخلت الى السيارة وهي صامتة..بالتأكيد هي تنتظر أن اوصل وعد وبعدها ستتحدث بحرية..ولكنه يشعر ان هناك شيء ليس على ما يرام وعد وفرح لم تنطقا بكلمة واحدة طوال الطريق..هل تشاجرا ام ماذا؟..
ولم يلبث ان توقف بجوار مبنى الصحيفة وقال: ها قد وصلنا يا وعد..
قالت وعد بابتسامة باهتة: حسنا اذا..الى اللقاء..أراكم بخير..
قالتها وهبطت من السيارة متوجهة الى حيث سيارتها بالمواقف ..وتطلع اليها هشام للحظة قبل ان يلتفت الى فرح ويقول: ماذا حدث بينكما؟..لم تتحدثا طوال الطريق..
قالت فرح وهي تستند الى مسند المقعد: لم يحدث بيننا شيء..
قال هشام وهو ينطلق بالسيارة: ليس من عادتكما الصمت دون ان تزعجاني بصوتيكما..
قالت فرح بابتسامة شاحبة: وها قد ارتحت من ازعاجنا لك..
قال هشام بغتة: ماذا كان جوابها يا فرح؟..
ارتبكت فرح وقالت: جوابها عن ماذا بالضبط؟..
قال هشام وهو يختلس النظرات الى فرح: عن اذا كان هناك شخص ما في حياتها ام لا..
قالت فرح في هدوء: لقد قالت لي انها لا تفكر بأي شاب على الاطلاق في الوقت الحاضر..
ازدرد هشام لعابه ليبتلع تلك الغصة التي امتلأ بها حلقه..وقال مترددا: حسنا..وماذا قالت بشأني؟..
قالت فرح وهي تتحاشى النظر اليه: بشأن ماذا يالضبط..انت لم تطلب مني الا ان اعرف منها ان كانت تفكر في شاب ما ام لا..
قال هشام مستنكرا: وطلبت منك ان تعلمي منها من انا بالنسبة لها..
قالت فرح وهي تلتفت عنه وتطلع عبر النافذة متاحشية ردة فعله: أنت ابن عم بالنسبة لها..
قال هشام باهتمام: حسنا وبعد..
قالت فرح وهي تلتقط نفسا عميقا: لقد تربيتما سويا وكنتما معا طوال الوقت..لهذا فهي تعتبرك مثل اخ لها تماما..
اتسعت عينا هشام وقال بذهول: أخ لها؟..أتعتبرني وعد مجرد اخ لها فحسب؟؟؟..
واردف وهو لا يزال غير مستوعب لما يسمعه: هذا مستحيل ..انها لا تعلم بحقيقة مشاعري تجاهها لهذا تعتبرني مجرد اخ لها لا اكثر..أليس كذلك؟..
لم تجبه فرح فصاح قائلا بعصبية: اليس كذلك يا فرح؟ .. اجيبي ..
قالت فرح وهي تلتفت له: أعلم بأن هذا صعب عليك ولكنها الحقيقة..حتى وان لم تكن كما نتمناها..
قال هشام بغضب: أنت لا تفهمين..لا تفهمين ماذا تعني وعد بالنسبة لي..وعد ليست مجرد فتاة احببتها وانتهى الامر..انها النبض الذي ينبض به قلبي..كيف احيا من دونها..وهي تملك قلبي كيف؟..لا استطيع..هذا مستحيل..سأذهب لها واخبرها بحقيقة مشاعري وعندها...
قاطعته فرح بألم: لا فائدة يا هشام..وعد ليست لك..
قال هشام بمرارة وهو يضرب بقبضته على المقود: أي شيء سوى هذا..انها الحلم الذي احلم به منذ صغري..لقد كبرت امام ناظري..كل سنة تمضي من عمرينا كنا نقضيها معا..وكان حبي لها يزداد ويتضاعف..انها حلم حياتي الا تفهمين؟؟؟..
قالت فرح وهي تتنهد: وعد ايضا لها احلامها ولها امنياتها..دعها تحيا كما تتمنى وكما تحلم هي..وليس كما تحلم انت..
التقط هشام نفسا عميقا وظل صامتا يتجرع كأس الألم والمرارة ..الحلم الوحيد الذي كان يغذيه بكل لحظة من عمره تحطم امام عينه..وعد قتلت حلمه من دون رحمة..لم تأبه بكل ما يحمله لها من مشاعر..داست على حبه..على مشاعره..لم يا وعد؟؟..ألا تعلمين انك حياتي كلها ..وبأنك اسمى امنياتي؟؟..
ولكن لا..لن ييأس او يستسلم لهذا الامر..لقد عاهد نفسه يوما..انه سيجعل وعد تبادله المشاعر والاحاسيس ..وهذا ما سيحدث بكل تأكيد..
وقال في تلك اللحظة بلهجة واثقة وحازمة: ستكونين لي يا وعد..لي انا..أقسم على هذا...
*************
بدا عماد سعيدا على غير عادته الهادئة كلما يدلف إلى مكتبه كل صباح..وقال بابتسامة واسعة متحدثا إلى السكرتيرة: صباح الخير..
قالت السكرتيرة بهدوء مستغربة ابتسامته الواسعة: صباح النور يا سيدي..
دلف عماد إلى المكتب وقال: سيكون اليوم الامتحان النظري لقبول الوظيفة..اخبريني بأسماء الناجحين فيه فور أن يتم معرفتهم...
قالت السكرتيرة باستغراب: حسنا يا سيدي..
لم يكن سؤال عماد عن اسماء الناجحين من عادته فهو لم يكترث يوما بمن يتم توظيفه..اكثر ما يهمه ام يكون ذو خبرة..انه يبدوا غريبا منذ ان تسلم ملفات المقدمين للوظيفة..
ربما كان تصرف عماد غريبا للسكرتيرة ولكنه ليس غريبا لمن يعلم سبب سعادته..فاليوم قد تكون ليلى احدى موظفات هذه الشركة..وهذا الشيء وحده كفيل بأن يرسم هذه الابتسامة الواسعة والسعيدة على شفتي عماد..
ظل عماد منشغلاً ببريد الشركة للساعات التالية وان لم تغب ليلى عن تفكيره لحظة واحدة..في كل لحظة كانت لهفته تزداد لمعرفة نتائج الامتحان النظري..وان كانت ليلى قد باتت من...
قطع تفكيره صوت طرقات على باب مكتبه فقال بهدوء: ادخل..
دلفت السكرتيرة الى مكتبه ..وقالت وهي تتقدم منه وتقدم له احدى الاوراق: هذا كشف باسماء الناجحين..
قال عماد مبتسما: انهم اربع اشخاص فقط..لا يحتاج الامر الى كشف..
ومن ثم التقط الكشف من السكرتيرة واختطف اسماءهم في سرعة..كان لشخصين ممن قدموا لطلب الوظيفة..والذين استطاعوا اجتياز الامتحان النظري.. وكانت ليلى احداهما..وهذا ما جعل عماد يبتسم ابتسامة نصر وسعادة وهو ينهض من خلف مكتبه..فقالت السكرتيرة باستغراب: الى اين يا سيدي؟..
تساءل عماد باهتمام قائلا: هل غادر الممتحنين من الشركة؟..
- كلا يا سيدي انهم ينتظرون معرفة ان كانوا قد قبلوا في الوظيفة ام لا..
- اذا سأذهب لهم..
قالت السكرتيرة باستغراب: الى مقدمي الوظيفة؟؟..
قال عماد بهدوء: هل الامر غريب الى هذه الدرجة؟..
أحست السكرتيرة بالاحراج من تدخلها فيما لا يعنيها وقالت معتذرة: معذرة يا سيدي...
لم يهتم عماد بما قالته السكرتيرة وانطلق مغادرا مكتبه متوجها الى قسم المصاعد..ليهبط به الى الطابق الثاني..وهناك أخذ يبحث في لهفة عن ليلى..وشاهدها اخيرا تجلس على احدى طاولات كافتيريا الشركة..فتوجه لها وقال مبتسما: كيف حالك يا آنسة ليلى؟..
رفعت ليلى عينيها الى عماد الماثل امامها..لم تصدق اذنيها عندما سمعت صوته..مدير الشركة يقف امامها..هذا غير معقول..مدير الشركة يتواضع ويأتي لمجرد مقدمة طلب لوظيفة للسؤال عنها..وقالت وهي تتطلع الى عماد بحيرة: بخير..
قال وهو يشير الى المقعد المواجه لها: هل يمكنني الجلوس؟..
قالت في سرعة: بالتأكيد..
قال وهو يجلس ويتطلع اليها بابتسامة: لدي خبر لك..
اشارت الى نفسها وقالت متسائلة: لي انا؟..وما هو؟..
قال عماد وابتسامته تتسع: لقد تخطيت الامتحان النظري واصبحت احدى موظفات هذه الشركة..
قالت ليلى بعدم تصديق: أنا ؟..اواثق من هذا يا سيد عماد؟؟..
قال عماد وهو يومئ برأسه: بالتأكيد والا لما جئت لأخبرك..
ارتسمت ابتسامة واسعة وسعيدة على شفتي ليلى وقالت: أشكرك كثيرا على إخباري..لو تعلم كم اشعر بالسعادة لحصولي على وظيفة كهذه..لقد بحثت طويلا حتى وجدتها..الحمد لك يا رب..
قال عماد مبتسما: كنت أعلم إن خبرا كهذا سيفرحك لهذا جئت لإخبارك..
قالت ليلى بامتنان: اشكرك جزيل الشكر يا سيد عماد..اتعبت نفسك بالمجئ الي..
قال عماد بهدوء: ابدا..اهم شيء ان اراك سعيدة..
توترت ليلى لحظتها..ماذا يعني؟..احقا تهمه سعادتها ..لم؟ ..وقالت بمزيج منالتوتر والخجل: شكرا ..
قال عماد وهو يسند ذقنه الى كفه: لا داعي للشكر..على العموم ستبدئين العمل غدا بقسم المبيعات..موافقة؟..
قالت ليلى باستغراب: بالتأكيد موافقة..من أنا حتى ارفض عرضا كهذا؟..
قال عماد مجيبا بابتسامة وهو ينهض من على المقعد: ليلى..
قالت وهي تتطلع اليه بحيرة: ماذا تعني؟..
قال وهو يلوح لها بيده ويبتعد عنها: لا شيء..عن اذنك..
تابعته ليلى بنظرها وهي تشعر باضطراب كبير في مشاعرها..وصحيح انه قد غادر ولكنه ترك اكبر اثر في نفسها..تشعر بان عماد قد سلبها تفكيرها تماما...
************
سارت وعد في ممرات مبنى الصحيفة بخطوات هادئة وسمعت احد الموظفين يقول وهو يمر من جوارها: صباح الخير..
التفتت له وعد وقالت: صباح الخير..
وواصلت سيرها الى حيث قسم الصحيفة وقالت وهي تدلف اليه: صباح الخير جميعا..
قالتها ثم رفعت حاجبيها بحيرة وهي تتطلع الى المكاتب الفارغة الا مكتب طارق..الذي كان يجلس خلفه هذا الأخير..وقالت متسائلة: اين ذهب الجميع؟..
قال طارق وهو يرفع عيناه اليها: احمد لديه مهمة صحفية ..والاستاذة نادية لم تستطع الحضور اليوم..
قالت وعد وهي تتوجه الى مكتبها وتجلس خلفه: ولم؟..
قال طارق ببرود: وكيف لي ان أعلم؟..
تجاهلت وعد عبارته وقالت: حسنا اذا..هل استطيع أن اطلب منك انهاء الحكاية لي؟..
صمت طارق للحظات ومن ثم قال: ولكن لدي موضوع يتوجب علي انهاءه..
قالت وعد بابتسامة: نصف ساعة لن تضر..
قال طارق وهو يهز كتفيه: فليكن..الى اين وصلت في السرد؟..
قالت وعد في سرعة: الى ان تطلعت اليك مايا بذهول بسبب...
قاطعها طارق قائلا: أجل لقد تذكرت..حسنا..كانت مايا تتطلع الي بذهول لحظتها وذلك بسبب ما قلته بشأنها..وهي مستغربة أن اصفها بالرائعة..على الرغم من عدم وفاقنا والعلاقة المتوترة بيننا..ولم تستطع الا ان تقول بارتباك: لم افعل شيءيستحق الشكر..لقد عرفت نتيجتك..كما عرفت نتيجة بقية زملائي..
صمت وانا اشعر بارتباك ربما يفوق ارتباكها..ووجدتها تخبر الجميع بنتائجهم والكل يشكرها بحرارة وسعيد لنجاحه..ووجدت أحد زملائنا يقول في تلك اللحظة: بمناسبة نجاحنا جميعا يا رفاق..ما رأيكم ان نذهب جميعا الى النادي؟..
جميعنا تقريباً أيدنا الفكرة ما عدا مايا التي ابدت اعتراضها ..فقلت انا مستنكرا: ولم ترفضين المجئ معنا؟..
تطلعت الي بتحدي وقالت: اظن ان هذا شأني وحدي..
صمت طارق قليلا عن السرد وقال وهو يتطلع الى وعد: أتعلمين يا وعد..نظرتك لي في ذلك اليوم التي تحدثت فيه عبر الهاتف في القسم عن عمد وذلك لتستفزيني وتتحديني..كانت تماما كنظراتها المملوءة بالتحدي لي دائما..
توترت اطراف وعد لقاء ما قاله..انها المرة الثانية التي يناديها باسمها مجردا من دون القاب..ماذا هناك؟..هل هي زلة لسان لا أكثر..وقالت وهي تزدرد لعابها لتخفي توترها: ومن قال إني قد فعلت ذلك عن عمد لأستفزك أو لأتحداك؟..
قال طارق بابتسامة باهتة: الم أقل لك بأنك تشبيهنها كثيرا؟..
قالت وعد بحيرة: ماذا تعني؟..هل مايا تشبهني الى هذه الدرجة؟..
قال طارق بهدوء: بالتصرفات فقط..المهم..انها قالت عبارتها بتحدي لي..فقررت ان افعل المثل فقلت بتحدي اكبر: أنت لا ترغبين في المجيءمعنا الى النادي لانني سأذهب ايضا ..اليس كذلك؟..
قالت مايا بعصبية: من قال هذا؟..
قلت متعمدا استفزازها: إذا لم تصرين على عدم المجيء؟ ..الجميع سيذهب فيما عداك أنت..
قالت مايا بحدة: لقد كنت مشغولة بعض الشيء ولهذا لم اكن ارغب في المجيء..ولكن ما دمت تظن اني لا ارغب في المجيء لانك ستكون هناك فسآتي وأثبت لك العكس ..وحتى لا تحلم بأشياء لا حقيقة لها..
وقتها ابتسمت في سري فها انذا انتصر عليها..وأتمكن من ردعها عن قرار اتخذته..على الرغم من إنها معروفة بمجموعتنا بأنها من المستحيل أن تتراجع عن أي قرار اتخذته..
في هذه اللحظة ادركت وعد مقدار التشابه بينها وبين مايا..فها هي ذي تجد أكثر صفاتها في هذه الفتاة التي تدعى مايا..حقيقة انها تشبهها في أغلب صفاتها وتصرفاتها..
في حين قال طارق مكملا: وانطلقنا جميعا الى النادي ونحن نتمنى قضاء وقت ممتع فيه..جميعنا كان يشعر بالسعادة ما عداها هي..كانت ترى الجميع يشاركوني الحديث والضحك فتزداد غضبا وغيظا..ووجدناها تبتعد عنا فجأة وهي تشعر بالغضب من الجميع..واعتقد انها كانت تشعر بالحقد نحوي كذلك..
استغربنا جميعا ابتعادها عن المجموعة..وكادت احدى زميلاتنا ان تتبعها وترى ما بها..ولكني اوقفتها وقلت بهدوء: سأذهب لأراها أنا..
قال أحدهم: ولكن يا طارق انت أعلم بنوعية العلاقة التي بينكما..لن تستمع لما ستقوله وستغضب اكثر لو ذهبت لها..نحن بحاجة لمن يهدئها..
قلت بحزم: انها غاضبة بسببي انا..لهذا سأحاول ان اعالج الامر بنفسي..
قال احد الزملاء باستغراب: بسببك انت؟.. ولم؟..انت محبوب من الجميع هنا..
قلت بابتسامة ساخرة بعض الشيء: وهذا هو السبب..
قلتها وابتعدت عنهم..لا بحث عن مايا في كل ارجاء النادي..وقد ادركت انني ان لم اعالج الأمر واحاول اصلاح الامور بيننا اليوم..فلن استطيع اصلاحها ابدا....
**********
واتمنى تعجبكم القصة
(لم يا وعد؟؟)
ظلت وعد صامتة تتطلع الى فرح التي تنتظر اجابتها وتخشاها في الوقت ذاته..ففرح تعلم تقريبا ان وعد لا تحمل اية مشاعر خاصة لهشام..ولكنها في الوقت ذاته لا تعلم نوعية المشاعر التي تحملها له في الوقت الحاضر..تشعر بأنها مجرد مشاعر أخوة..لكنها غير متأكدة من ذلك تمام التأكيد..
وارتسمت ابتسامة على شفتي وعد..ابتسامة اقرب ما تكون الى الشحوب وهي تقول: لم تسألين هذا السؤال يا فرح؟..
قالت فرح متلعثمة: انه..مجرد سؤال..لا أكثر..
قالت وعد وابتسامتها الشاحبة تتسع قليلا: لا تعرفين الكذب يا فرح..في البداية كنت اظن ان ما يحمله لي هشام مجرد مشاعر قرابة وأخوة نظرا لاننا قد تربينا سويا..وبعدها بدأت اشك في انها مشاعر اهتمام واعجاب بعد ان تحدثت ذلك اليوم عن مشاعر يحملها لي.. والآن اتأكد من انها ليست سوى مشاعر ميل و..حب.. أليس كذلك يافرح؟..
رفعت فرح حاجبيها بدهشة..وظلت صامتة لفترة..قبل ان تقول بارتباك: لست أعلم..لم يخبرني هشام بشيء..
قالت وعد وهي تميل نحوها: حقا لم يخبرك بشيء؟..
لم تجبها فرح وظلت صامتة وهي تشعر بأن وعد ستكشف بأنها لم تحضرها الى هنا الا لتعلم منها حقيقة مشاعرها تجاه هشام ..واحترمت وعد صمتهافصمتت بدورها وهي تفكر فيما عليها قوله..وقطع هذا الصمت الذي يغلفهما صوت النادل وهو يضع العصير امامهما ويقول: هل من خدمة اخرى؟..
أجابته وعد قائلة: كلا..شكرا لك..
انصرف النادل مغادرا فارتشفت وعد قليلا من العصير الذي أمامها ومن ثم قالت وهي تعتدل في جلستها: فرح هشام هو شقيقك وأعلم انك تتمنين له ان يحيا سعيدا وان يتحقق كل ما يحلم به..وأنا كذلك اتمنى ان أراه سعيدا دائما..لا اقبل ان اراه حزينا يوما..هشام هو الوحيد الذي كان يقف معي في كل مشاكلي ويساعدني على ان اتخطاها..لهذا...
صمتت وعد للحظة ومن ثم اردفت بحزم: لهذا ان تقدم هو لخطبتي..فسأرفض بالتأكيد..
قالت فرح باستغراب ودهشة: ولم؟..ألم تقولي لتوك انك تتمنين له السعادة وانه ....
قاطعتها وعد قائلة: لهذا سأرفض..لاني اتمنى له السعادة..صدقيني أنا لا اصلح لاكون زوجة له..انا لن اسعده..انت تعلمين ان هشام كما هو شقيقك هو شقيقي وربما اكثر منك..أنسيت اننا قد ترعرعنا معا..انا وهو كنا نظل طوال الوقت معا..واكثر من بقاءه معك لانك كنت صغيرة وقتها..لقد كنت أحيانا اظن احيانا انه شقيقي فعلا..اتتوقعين ان أقبل أن أتزوج من شاب أحمل له مشاعر كهذه..لو كان هو يقبلها على نفسه..فأنا لا اقبلها عليه..لن استطيع ان امنحه حبا حقيقيا..أتفهميني يا فرح؟..
لم تعلم فرح بما تجيب..فمن جهة حب هشام الكبير لوعد..وحزنه على انه قد لا تكون له..ومن جهة أخرى مشاعر الاخوة التي تحملها وعد تجاه هشام والتي لا تستطيع ان تغيرها مهما حدث..كلا الطرفين تشعر ان وجهة نظره مقنعة وصحيحة.. ولكن..هذا سيخلف جريحا واحدا وهو هشام..وعد لن تخسر شيئا اذا لم تبادله المشاعر..اما هشام هو الذي سيخسر الكثير اذا علم بهذه الحقيقة..
تنهدت فرح بحرارة ومن ثم قالت:أفهمك يا وعد..ولكن ما افهمه أكثر ان هشام يحبك بصدق وبكل مشاعره..
ابتسمت وعد وقالت: أنت تعترفين اذا..
وضعت فرح كفها على شفتيها وقالت بارتباك: يا لحمقاتي ..ما الذي قلته؟..
قالت وعد وهي تهز كتفيها: وما المشكلة في هذا..اتعتبرين الحب جريمة؟..
قالت فرح بابتسامة: كلا ولكن هشام هو من سيرتكب بي جريمة ان علم اني قد اخبرتك بأمر مشاعره تجاهك..
قالت وعد وهي ترفع أحد حاجبيها: ولم؟..هل يعتبر مشاعره لي جريمة..ام انها عار له..
قالت فرح بابتسامة باهتة: نوعا ما..فما فهمته منه..انه لن يفصح عن مشاعره قبل ان يرى تجاوبا منك..وهو يرى ان المشاعر ما دامت من طرف واحد فهي ذل له..
قالت وعد بهدوء: لا اعتقد هذا ابدا..فمشاعره ملك له..وليست عارا اوذلا ابدا..ستكون كذلك لو استخدم مشاعره في الاستغلال او تحقيق مصالحه الشخصية..
قالت فرح بعد وهلة من الصمت: ما افهمه منك الآن..انك ترفضين ان يكون هشام زوجا لك..
قالت وعد بابتسامة حانية: هشام شاب وسيم يعمل في وظيفة ممتازة..ويمتلك شخصية رائعة ومتميزة..آلاف الفتيات يتمنونه..وان كانت احداهن تحبه بصدق فستسعده بكل تأكيد..انا لن أسعده صدقيني..
قالت فرح بابتسامة شاحبة: آلاف الفتيات يتمنونه..ريما يكون هذا صحيح..ولكنه يتمنى واحدة فقط..واحدة لا تبادله المشاعر وترفضه..
زفرت وعد وقالت: هل المشاعر بيدي يا فرح..هل املك حيالها أي شيء؟..انني لا استطيع ان اوافق الا على من يختاره قلبي..
- احيانا القلب يخدع..يجب ان تحكمي عقلك كذلك..
- هذا صحيح ..وعقلي يقول ايضا انه لا يجب علي ان اتزوج من شخص وانا اعتبره كأخ لي لا أكثر..ان لم يكن لأجلي فلأجله هو..لم أظلم هشام معي..أنا احب هشام وربما أكثر منك كذلك..ولكن كأخ..
قالت فرح بشحوب: بصراحة لا اعلم ماذا اقول لهشام اذا سألني عن ردك..
قالت وعد وهي تتنهد: أخبريه ما اخبرتك به تماما..واظن انه سيتفهم الامر..
قالت فرح بألم: لا اظن انه سيتفهم الامر..بل انه سيتألم ياوعد..وبأكثر مما تتصورين..
صمتت وعد وهي لا تجد جوابا لفرح..يا ترى ايهما الصحيح؟ ..هل عليها ان تسعد نفسها وتنسى آلام الآخرين..ام تنسى نفسها وتسعد غيرها ؟..لم تعد تعلم..لم تعد تعلم ابدا....
************
كان الصمت هو سيد الموقف في سيارة هشام..بعد ان حضر هذا الاخير الى المطعم من اجل ان يصحبهم..ويوصل وعد الى الصحيفة حيث سيارتها..
كان هشام يشعر بالتوتر وهو يريد ان يعرف من فرح بما اخبرتها به وعد..وما جوابها على كل الاسألة التي تدور في ذهنه ..لكن فرح لم تنطق بحرف واحد فمنذ ان دخلت الى السيارة وهي صامتة..بالتأكيد هي تنتظر أن اوصل وعد وبعدها ستتحدث بحرية..ولكنه يشعر ان هناك شيء ليس على ما يرام وعد وفرح لم تنطقا بكلمة واحدة طوال الطريق..هل تشاجرا ام ماذا؟..
ولم يلبث ان توقف بجوار مبنى الصحيفة وقال: ها قد وصلنا يا وعد..
قالت وعد بابتسامة باهتة: حسنا اذا..الى اللقاء..أراكم بخير..
قالتها وهبطت من السيارة متوجهة الى حيث سيارتها بالمواقف ..وتطلع اليها هشام للحظة قبل ان يلتفت الى فرح ويقول: ماذا حدث بينكما؟..لم تتحدثا طوال الطريق..
قالت فرح وهي تستند الى مسند المقعد: لم يحدث بيننا شيء..
قال هشام وهو ينطلق بالسيارة: ليس من عادتكما الصمت دون ان تزعجاني بصوتيكما..
قالت فرح بابتسامة شاحبة: وها قد ارتحت من ازعاجنا لك..
قال هشام بغتة: ماذا كان جوابها يا فرح؟..
ارتبكت فرح وقالت: جوابها عن ماذا بالضبط؟..
قال هشام وهو يختلس النظرات الى فرح: عن اذا كان هناك شخص ما في حياتها ام لا..
قالت فرح في هدوء: لقد قالت لي انها لا تفكر بأي شاب على الاطلاق في الوقت الحاضر..
ازدرد هشام لعابه ليبتلع تلك الغصة التي امتلأ بها حلقه..وقال مترددا: حسنا..وماذا قالت بشأني؟..
قالت فرح وهي تتحاشى النظر اليه: بشأن ماذا يالضبط..انت لم تطلب مني الا ان اعرف منها ان كانت تفكر في شاب ما ام لا..
قال هشام مستنكرا: وطلبت منك ان تعلمي منها من انا بالنسبة لها..
قالت فرح وهي تلتفت عنه وتطلع عبر النافذة متاحشية ردة فعله: أنت ابن عم بالنسبة لها..
قال هشام باهتمام: حسنا وبعد..
قالت فرح وهي تلتقط نفسا عميقا: لقد تربيتما سويا وكنتما معا طوال الوقت..لهذا فهي تعتبرك مثل اخ لها تماما..
اتسعت عينا هشام وقال بذهول: أخ لها؟..أتعتبرني وعد مجرد اخ لها فحسب؟؟؟..
واردف وهو لا يزال غير مستوعب لما يسمعه: هذا مستحيل ..انها لا تعلم بحقيقة مشاعري تجاهها لهذا تعتبرني مجرد اخ لها لا اكثر..أليس كذلك؟..
لم تجبه فرح فصاح قائلا بعصبية: اليس كذلك يا فرح؟ .. اجيبي ..
قالت فرح وهي تلتفت له: أعلم بأن هذا صعب عليك ولكنها الحقيقة..حتى وان لم تكن كما نتمناها..
قال هشام بغضب: أنت لا تفهمين..لا تفهمين ماذا تعني وعد بالنسبة لي..وعد ليست مجرد فتاة احببتها وانتهى الامر..انها النبض الذي ينبض به قلبي..كيف احيا من دونها..وهي تملك قلبي كيف؟..لا استطيع..هذا مستحيل..سأذهب لها واخبرها بحقيقة مشاعري وعندها...
قاطعته فرح بألم: لا فائدة يا هشام..وعد ليست لك..
قال هشام بمرارة وهو يضرب بقبضته على المقود: أي شيء سوى هذا..انها الحلم الذي احلم به منذ صغري..لقد كبرت امام ناظري..كل سنة تمضي من عمرينا كنا نقضيها معا..وكان حبي لها يزداد ويتضاعف..انها حلم حياتي الا تفهمين؟؟؟..
قالت فرح وهي تتنهد: وعد ايضا لها احلامها ولها امنياتها..دعها تحيا كما تتمنى وكما تحلم هي..وليس كما تحلم انت..
التقط هشام نفسا عميقا وظل صامتا يتجرع كأس الألم والمرارة ..الحلم الوحيد الذي كان يغذيه بكل لحظة من عمره تحطم امام عينه..وعد قتلت حلمه من دون رحمة..لم تأبه بكل ما يحمله لها من مشاعر..داست على حبه..على مشاعره..لم يا وعد؟؟..ألا تعلمين انك حياتي كلها ..وبأنك اسمى امنياتي؟؟..
ولكن لا..لن ييأس او يستسلم لهذا الامر..لقد عاهد نفسه يوما..انه سيجعل وعد تبادله المشاعر والاحاسيس ..وهذا ما سيحدث بكل تأكيد..
وقال في تلك اللحظة بلهجة واثقة وحازمة: ستكونين لي يا وعد..لي انا..أقسم على هذا...
*************
بدا عماد سعيدا على غير عادته الهادئة كلما يدلف إلى مكتبه كل صباح..وقال بابتسامة واسعة متحدثا إلى السكرتيرة: صباح الخير..
قالت السكرتيرة بهدوء مستغربة ابتسامته الواسعة: صباح النور يا سيدي..
دلف عماد إلى المكتب وقال: سيكون اليوم الامتحان النظري لقبول الوظيفة..اخبريني بأسماء الناجحين فيه فور أن يتم معرفتهم...
قالت السكرتيرة باستغراب: حسنا يا سيدي..
لم يكن سؤال عماد عن اسماء الناجحين من عادته فهو لم يكترث يوما بمن يتم توظيفه..اكثر ما يهمه ام يكون ذو خبرة..انه يبدوا غريبا منذ ان تسلم ملفات المقدمين للوظيفة..
ربما كان تصرف عماد غريبا للسكرتيرة ولكنه ليس غريبا لمن يعلم سبب سعادته..فاليوم قد تكون ليلى احدى موظفات هذه الشركة..وهذا الشيء وحده كفيل بأن يرسم هذه الابتسامة الواسعة والسعيدة على شفتي عماد..
ظل عماد منشغلاً ببريد الشركة للساعات التالية وان لم تغب ليلى عن تفكيره لحظة واحدة..في كل لحظة كانت لهفته تزداد لمعرفة نتائج الامتحان النظري..وان كانت ليلى قد باتت من...
قطع تفكيره صوت طرقات على باب مكتبه فقال بهدوء: ادخل..
دلفت السكرتيرة الى مكتبه ..وقالت وهي تتقدم منه وتقدم له احدى الاوراق: هذا كشف باسماء الناجحين..
قال عماد مبتسما: انهم اربع اشخاص فقط..لا يحتاج الامر الى كشف..
ومن ثم التقط الكشف من السكرتيرة واختطف اسماءهم في سرعة..كان لشخصين ممن قدموا لطلب الوظيفة..والذين استطاعوا اجتياز الامتحان النظري.. وكانت ليلى احداهما..وهذا ما جعل عماد يبتسم ابتسامة نصر وسعادة وهو ينهض من خلف مكتبه..فقالت السكرتيرة باستغراب: الى اين يا سيدي؟..
تساءل عماد باهتمام قائلا: هل غادر الممتحنين من الشركة؟..
- كلا يا سيدي انهم ينتظرون معرفة ان كانوا قد قبلوا في الوظيفة ام لا..
- اذا سأذهب لهم..
قالت السكرتيرة باستغراب: الى مقدمي الوظيفة؟؟..
قال عماد بهدوء: هل الامر غريب الى هذه الدرجة؟..
أحست السكرتيرة بالاحراج من تدخلها فيما لا يعنيها وقالت معتذرة: معذرة يا سيدي...
لم يهتم عماد بما قالته السكرتيرة وانطلق مغادرا مكتبه متوجها الى قسم المصاعد..ليهبط به الى الطابق الثاني..وهناك أخذ يبحث في لهفة عن ليلى..وشاهدها اخيرا تجلس على احدى طاولات كافتيريا الشركة..فتوجه لها وقال مبتسما: كيف حالك يا آنسة ليلى؟..
رفعت ليلى عينيها الى عماد الماثل امامها..لم تصدق اذنيها عندما سمعت صوته..مدير الشركة يقف امامها..هذا غير معقول..مدير الشركة يتواضع ويأتي لمجرد مقدمة طلب لوظيفة للسؤال عنها..وقالت وهي تتطلع الى عماد بحيرة: بخير..
قال وهو يشير الى المقعد المواجه لها: هل يمكنني الجلوس؟..
قالت في سرعة: بالتأكيد..
قال وهو يجلس ويتطلع اليها بابتسامة: لدي خبر لك..
اشارت الى نفسها وقالت متسائلة: لي انا؟..وما هو؟..
قال عماد وابتسامته تتسع: لقد تخطيت الامتحان النظري واصبحت احدى موظفات هذه الشركة..
قالت ليلى بعدم تصديق: أنا ؟..اواثق من هذا يا سيد عماد؟؟..
قال عماد وهو يومئ برأسه: بالتأكيد والا لما جئت لأخبرك..
ارتسمت ابتسامة واسعة وسعيدة على شفتي ليلى وقالت: أشكرك كثيرا على إخباري..لو تعلم كم اشعر بالسعادة لحصولي على وظيفة كهذه..لقد بحثت طويلا حتى وجدتها..الحمد لك يا رب..
قال عماد مبتسما: كنت أعلم إن خبرا كهذا سيفرحك لهذا جئت لإخبارك..
قالت ليلى بامتنان: اشكرك جزيل الشكر يا سيد عماد..اتعبت نفسك بالمجئ الي..
قال عماد بهدوء: ابدا..اهم شيء ان اراك سعيدة..
توترت ليلى لحظتها..ماذا يعني؟..احقا تهمه سعادتها ..لم؟ ..وقالت بمزيج منالتوتر والخجل: شكرا ..
قال عماد وهو يسند ذقنه الى كفه: لا داعي للشكر..على العموم ستبدئين العمل غدا بقسم المبيعات..موافقة؟..
قالت ليلى باستغراب: بالتأكيد موافقة..من أنا حتى ارفض عرضا كهذا؟..
قال عماد مجيبا بابتسامة وهو ينهض من على المقعد: ليلى..
قالت وهي تتطلع اليه بحيرة: ماذا تعني؟..
قال وهو يلوح لها بيده ويبتعد عنها: لا شيء..عن اذنك..
تابعته ليلى بنظرها وهي تشعر باضطراب كبير في مشاعرها..وصحيح انه قد غادر ولكنه ترك اكبر اثر في نفسها..تشعر بان عماد قد سلبها تفكيرها تماما...
************
سارت وعد في ممرات مبنى الصحيفة بخطوات هادئة وسمعت احد الموظفين يقول وهو يمر من جوارها: صباح الخير..
التفتت له وعد وقالت: صباح الخير..
وواصلت سيرها الى حيث قسم الصحيفة وقالت وهي تدلف اليه: صباح الخير جميعا..
قالتها ثم رفعت حاجبيها بحيرة وهي تتطلع الى المكاتب الفارغة الا مكتب طارق..الذي كان يجلس خلفه هذا الأخير..وقالت متسائلة: اين ذهب الجميع؟..
قال طارق وهو يرفع عيناه اليها: احمد لديه مهمة صحفية ..والاستاذة نادية لم تستطع الحضور اليوم..
قالت وعد وهي تتوجه الى مكتبها وتجلس خلفه: ولم؟..
قال طارق ببرود: وكيف لي ان أعلم؟..
تجاهلت وعد عبارته وقالت: حسنا اذا..هل استطيع أن اطلب منك انهاء الحكاية لي؟..
صمت طارق للحظات ومن ثم قال: ولكن لدي موضوع يتوجب علي انهاءه..
قالت وعد بابتسامة: نصف ساعة لن تضر..
قال طارق وهو يهز كتفيه: فليكن..الى اين وصلت في السرد؟..
قالت وعد في سرعة: الى ان تطلعت اليك مايا بذهول بسبب...
قاطعها طارق قائلا: أجل لقد تذكرت..حسنا..كانت مايا تتطلع الي بذهول لحظتها وذلك بسبب ما قلته بشأنها..وهي مستغربة أن اصفها بالرائعة..على الرغم من عدم وفاقنا والعلاقة المتوترة بيننا..ولم تستطع الا ان تقول بارتباك: لم افعل شيءيستحق الشكر..لقد عرفت نتيجتك..كما عرفت نتيجة بقية زملائي..
صمت وانا اشعر بارتباك ربما يفوق ارتباكها..ووجدتها تخبر الجميع بنتائجهم والكل يشكرها بحرارة وسعيد لنجاحه..ووجدت أحد زملائنا يقول في تلك اللحظة: بمناسبة نجاحنا جميعا يا رفاق..ما رأيكم ان نذهب جميعا الى النادي؟..
جميعنا تقريباً أيدنا الفكرة ما عدا مايا التي ابدت اعتراضها ..فقلت انا مستنكرا: ولم ترفضين المجئ معنا؟..
تطلعت الي بتحدي وقالت: اظن ان هذا شأني وحدي..
صمت طارق قليلا عن السرد وقال وهو يتطلع الى وعد: أتعلمين يا وعد..نظرتك لي في ذلك اليوم التي تحدثت فيه عبر الهاتف في القسم عن عمد وذلك لتستفزيني وتتحديني..كانت تماما كنظراتها المملوءة بالتحدي لي دائما..
توترت اطراف وعد لقاء ما قاله..انها المرة الثانية التي يناديها باسمها مجردا من دون القاب..ماذا هناك؟..هل هي زلة لسان لا أكثر..وقالت وهي تزدرد لعابها لتخفي توترها: ومن قال إني قد فعلت ذلك عن عمد لأستفزك أو لأتحداك؟..
قال طارق بابتسامة باهتة: الم أقل لك بأنك تشبيهنها كثيرا؟..
قالت وعد بحيرة: ماذا تعني؟..هل مايا تشبهني الى هذه الدرجة؟..
قال طارق بهدوء: بالتصرفات فقط..المهم..انها قالت عبارتها بتحدي لي..فقررت ان افعل المثل فقلت بتحدي اكبر: أنت لا ترغبين في المجيءمعنا الى النادي لانني سأذهب ايضا ..اليس كذلك؟..
قالت مايا بعصبية: من قال هذا؟..
قلت متعمدا استفزازها: إذا لم تصرين على عدم المجيء؟ ..الجميع سيذهب فيما عداك أنت..
قالت مايا بحدة: لقد كنت مشغولة بعض الشيء ولهذا لم اكن ارغب في المجيء..ولكن ما دمت تظن اني لا ارغب في المجيء لانك ستكون هناك فسآتي وأثبت لك العكس ..وحتى لا تحلم بأشياء لا حقيقة لها..
وقتها ابتسمت في سري فها انذا انتصر عليها..وأتمكن من ردعها عن قرار اتخذته..على الرغم من إنها معروفة بمجموعتنا بأنها من المستحيل أن تتراجع عن أي قرار اتخذته..
في هذه اللحظة ادركت وعد مقدار التشابه بينها وبين مايا..فها هي ذي تجد أكثر صفاتها في هذه الفتاة التي تدعى مايا..حقيقة انها تشبهها في أغلب صفاتها وتصرفاتها..
في حين قال طارق مكملا: وانطلقنا جميعا الى النادي ونحن نتمنى قضاء وقت ممتع فيه..جميعنا كان يشعر بالسعادة ما عداها هي..كانت ترى الجميع يشاركوني الحديث والضحك فتزداد غضبا وغيظا..ووجدناها تبتعد عنا فجأة وهي تشعر بالغضب من الجميع..واعتقد انها كانت تشعر بالحقد نحوي كذلك..
استغربنا جميعا ابتعادها عن المجموعة..وكادت احدى زميلاتنا ان تتبعها وترى ما بها..ولكني اوقفتها وقلت بهدوء: سأذهب لأراها أنا..
قال أحدهم: ولكن يا طارق انت أعلم بنوعية العلاقة التي بينكما..لن تستمع لما ستقوله وستغضب اكثر لو ذهبت لها..نحن بحاجة لمن يهدئها..
قلت بحزم: انها غاضبة بسببي انا..لهذا سأحاول ان اعالج الامر بنفسي..
قال احد الزملاء باستغراب: بسببك انت؟.. ولم؟..انت محبوب من الجميع هنا..
قلت بابتسامة ساخرة بعض الشيء: وهذا هو السبب..
قلتها وابتعدت عنهم..لا بحث عن مايا في كل ارجاء النادي..وقد ادركت انني ان لم اعالج الأمر واحاول اصلاح الامور بيننا اليوم..فلن استطيع اصلاحها ابدا....
**********
واتمنى تعجبكم القصة
مواضيع مماثلة
» هذا هو الجزء الثالث من حلم حياتي..
» حلم حياتي.......*الجزء الثامن*
» حلم حياتي...*الجزء التاسع*
» حلم حياتي.....*الجزء العاشر*
» حلم حياتي .....*الجزء الحادي عشر*
» حلم حياتي.......*الجزء الثامن*
» حلم حياتي...*الجزء التاسع*
» حلم حياتي.....*الجزء العاشر*
» حلم حياتي .....*الجزء الحادي عشر*
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى